حقل الدراسات البينية



أ أ

تمهيد

محلُّ الدراسات العلمية هنا؛ الدراسات المشتركة بين علم التفسير وعلوم القرآن، وبين غيره من العلوم، كعلم العقيدة، أو الحديث، أو أصول الفقه، أو الفقه، أو اللغة، أو العلوم الطبيعية، أو غيرها، وتحرير تلك المسائل من العلمين، وبيان أبرز زيادات كل علم على الآخر، وأثر كل علم على الآخر.

وتُعرف هذه الدراسات بالدراسات البينية(1)، وتعد مرحلة من مراحل تطور العلوم، بعد مرحلتي الموسوعية والتخصص، فقد تجلتْ مرحلةُ الموسوعية ردحًا من الزمن، مثَّلَها علماءُ كبار من علماء الإسلام، ثم ظهرت مرحلة التخصص، التي رسختها الجامعات الحديثة، ثم جاء بعد هاتين المرحلتين ما يعرف الآن بـ(الدراسات البينية)(2)، وهي مرحلة دعت إليها عدة عوامل(3):

  1. التخوف من الإيغال في التخصص الذي يسبب انعزال كل تخصص عن الآخر، يؤدي إلى عدم ملاحظة العلاقات بين العلوم.
  2. نشوء تخصصات مختلطة داخل العلوم، مثالها في تخصص التفسير وعلوم القرآن(4): التفسير اللغوي، والتفسير الفقهي، والتفسير العقدي، والتفسير العلمي، والإعجاز البياني والنفسي والعلمي للقرآن الكريم، وكثير من موضوعات التفسير الموضوعي التي يدرس فيها ظواهر اجتماعية، أو اقتصادية، أو سياسية من خلال القرآن الكريم(5)، ويمثل ذلك أيضًا ما نشأ الآن من استخدام الدراسات الإحصائية، والحاسوبية، وعلم الآثار في الدراسات القرآنية.
  3. هجرة المصطلحات من تخصص لآخر، مما قد يؤثر في إنضاج العلوم، أو نشوء تخصصات هجينة، أو مصطلحات تحمل عدة تعريفات بحسب العلم الذي يحتضنها.

ومن أمثلة ذلك في تخصص الدراسات القرآنية: مصطلح النسخ، والتفسير الفقهي، وغيرها.


(1) أطلق عليها مصطلح (Interdisciplinary). ويلاحظ أن أول جامعة في العالم أنشئت للدراسات البينية هي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست). ينظر: الدراسات البينية لمركز الأبحاث الواعدة: (8).

(2)  ينظر: دليل الدراسات البينية لنور الدين بنخود: (6).

(3)  ينظر بعض العوامل في: دليل الدراسات البينية لنور الدين بنخود: (7).

(4) مثالها في التخصصات الأخرى: الكيمياء الفيزيائية، وعلم الاقتصاد السياسي، والتاريخ الاجتماعي.

(5)   لكثرة الدراسات في التفسير الموضوعي، ولكونه أصبح نوعًا مستقلًا من أنواع التفسير؛ خُصص بحقل مستقل.