أ أ
حقل الدراسات التأصيلية
طريقة البحث في هذا الحقل
1- التتبع التاريخي للعلم:
وذلك بدراسة نشأة العلم داخل الدراسات القرآنية، والعوامل المؤثرة في نشوئه، وأبرز العلماء الذين كان لهم قصب السبق في إظهار هذا العلم ونشأته.
مثال ذلك: عند دراسة قضية: (الإعجاز في القرآن الكريم دراسة تأصيلية) لا بد من دراسة تاريخ نشأة القول بالإعجاز، والأسباب التي أدت إلى ظهور هذا العلم، كظهور القول بالصَّرفة، الذي بسببه انصرف العلماء إلى بيان إعجاز القرآن الكريم، والكتابة فيه، والرد على هذا القول.
2- دراسة التطور العلمي والتغييرات العلمية من زيادة أو نقص في العلم:
وهنا يجب على الباحث دراسة التغيرات التي طرت على العلم، عبر مراحل تدوينه، والعناية به، وأثر ذلك في تحرير العلم، أو في توسع القول فيه، مع بيان رأيه في ذلك التطور العلمي.
مثال ذلك: في قضية الإعجاز، يتحدث الباحث عن ظهور أوجه الإعجاز واختلافها باختلاف العلماء الذين دونوا مصنفاتٍ في الإعجاز إلى هذا العصر، مع تحرير تلك التغيرات، وتمييزها، وبيان الامتداد التاريخي لها.
3- تحرير المصطلح العلمي:
ويعنى الباحث هنا، بدراسة مصطلح العلم الذي يريد دراسته دراسة تأصيلية، فيُعرِّفه ابتداء في لغة العرب، عائدًا به إلى أصوله العربية، محررًا كلام العلماء في ذلك، ثم يستعرض الأقوال في التعريف الاصطلاحي، مبينًا الفصول التي يجب ذكرها في التعريف، مستبعدًا ما ليس له أثر من تلك الفصول، كل ذلك بالاستناد على تعريفات العلماء الذين أصلوا هذا العلم وحرروه، وليحذر من محاكمة كُتِبِهم إلى تعريفاتٍ حادثةٍ بعدهم.
وقد نبه العلماءُ إلى أهمية ضبط مصطلحات العلوم، بل جعله الشاطبي (ت:٧٩٠هـ) أول شروط تحصيل العلم عن طريق الكتب حيث قال: «الأول: أن يحصل له من فهم مقاصد ذلك العلم المطلوب، ومعرفة اصطلاحات أهله، ما يتم له به النظر في الكتب»(1).
4- دراسة العلماء المحررين في هذا العلم:
فيجب على الباحث أن يُعنى بذكر العلماء المحررين في هذا العلم الذي يدرسه، مبينًا كتبهم التي دونوها فيه، حتى يُعرف أصل هذا الموضوع لدى العلماء السابقين، ويُستند على تحريراتهم في ضبط العلم وتأصيله. قال الشاطبي (ت:٧٩٠هـ) في الشرط الثاني من شروط تحصيل العلم من الكتب: «الشرط الثاني: أن يتحرى كتب المتقدمين من أهل العلم المراد، فإنهم أقعد به من غيرهم من المتأخرين»(2).
5- التفريق بين التقسيمات الفنية التي لا تؤثر على أصل القضية والتقسيمات العلمية التي تؤثر:
وهذه القضية من القضايا المهمة؛ إذ يجد الباحث تقسيمات كثيرة للعلوم، وبعض تلك التقسيمات تقسيمات فنيةٌ لا تؤثر في العلم، وإنما يذكرها العلماء من باب الذكر لزيادة تصور الموضوع، وهنا يُعنى الباحث بتلخيص تلك التفريعات والجمع بينها، أو ذكرها، كل تقسيم باعتباره الذي يختلف عن الآخر، كما يجد الباحث تقسيمات علمية مؤثرة، ينبغي عليه العناية بها، وبتحريرها، وبيان الرأي فيها.
6- تحرير مسائل الخلاف في هذا العلم:
سيجد الباحث داخل كل علم يسعى إلى تأصيله مسائل اختلف العلماء فيها، ابتداءً بالتعريف، وذكر الأنواع، والأحكام المتعلقة به، وهنا ينبغي أن يكون دور الباحث محاولة تحرير تلك المسائل، بحسب ما سبق ذكره في كيفية دراسة المسائل الخلافية في حقل الاختيارات والترجيحات.
7- جمع مسائل العلم المتفرقة وترتيبها داخل العلم:
قال ابن خلدون (ت:808هـ) في مقاصد التأليف: «وخامسها: أن يكون مسائل العلم قد وقعت غير مرتبة في أبوابها ولا منتظمة، فيقصد المطلع على ذلك أن يرتبها ويهذبها، ويجعل كل مسألة في بابها... وسادسها: أن تكون مسائل العلم مفرقة في أبوابها من علوم أخرى فيتنبه بعض الفضلاء إلى موضوع ذلك الفن وجميع مسائله، فيفعل ذلك، ويظهر به فن ينظمه في جملة العلوم التي ينتحلها البشر بأفكارهم»(3).
8- ذكر علاقة العلم بعلوم القرآن والتفسير:
ومما ينبغي العناية به ذكر علاقة العلم الذي يدرس بحقول الدراسات القرآنية الأخرى، وبمسائل التفسير وعلوم القرآن، كأن يكون أحد علوم التفسير، أو أحد علوم القرآن، وعلاقته ببقية أنواع العلوم الأخرى، كذكر علاقة المشكل بالمتشابه مثلًا.
9- العناية بالأدلة والتحرير والبعد عن التقليد المطلق:
مما يعاب في الأبحاث العلمية كثرة النقل بلا تحرير، فتكون الدراسة نقولًا عن العلماء دون إبداء الرأي، كما يعاب خلو التأصيل من ذكر الأدلة الدالة عليه، وهنا يجب على الباحث أن يركز في تأصيله للمسائل على ذكر الأدلة، ووجه دلالتها على ما ذهب إليه، حتى تكون تلك التحريرات سائرة بحسب المنهجية العلمية الصحيحة.
10- الرد على الشبهات التي وقعت في هذا العلم:
وذلك باستعراض أبرز الشبهات الواردة، وردها ردًا علميًا مؤصلًا.
